سورة المجادلة - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المجادلة)


        


{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16)}
{اتخذوا أيمانهم} الفاجرة التي يحلفون بها عند الحاجة {جَنَّةُ} وقاية وسترة عن المؤاخذة، وقرأ الحسن إيمانهم بكسر الهمزة أي إيمانهم الذي أظهروه للنبي صلى الله عليه وسلم وخلص المؤمنين؛ قال في «الإرشاد»: والاتخاذ على هذا عبارة عن التستر بالفعل كأنه قيل: تستروا بما أظهروه من الإيمان عن أن تستباح دماؤهم وأموالهم، وعلى قراءة الجمهور عبارة عن إعدادهم لأيمانهم الكاذبة وتهيئتهم لها إلى وقت الحاجة ليحلفوا بها ويخلصوا عن المؤاخذة لا عن استعمالها بالفعل فإن ذلك متأخر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية، وعن سببها أيضًا كما يعرب عنه الفاء في قوله تعالى: {فَصَدُّواْ} أي الناس.
{عَن سَبِيلِ الله} في خلال أمنهم بتثبيط من لقوا عن الدخول في الإسلام وتضعيف أمر المسلمين عندهم، وقيل: فصدوا المسلمين عن قتلهم فإنه سبيل الله تعالى فيهم، وقيل: {صدوا} لازم، والمراد فأعرضوا عن الإسلام حقيقة وهو كما ترى {الله فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} وعيد ثان بوصف آخر لعذابهم، وقيل: الأول عذاب القبر وهذا عذاب الآخرة، ويشعر به وصفه بالإهانة المقتضية للظهور فلا تكرار.


{لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17)}
{لَّن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أموالهم وَلاَ أولادهم مّنَ الله شَيْئًا أُوْلَئِكَ أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون} قد سبق مثله في سورة آل عمران، وسبق الكلام فيه فمن أراده فليرجع إليه.


{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18)}
{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعًا} تقدم الكلام في نظيره غير بعيد {فَيَحْلِفُونَ لَهُ} أي لله تعالى يومئذٍ قائلين: {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] {كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} في الدنيا أنها مسلمون مثلكم، والتشبيه جرد الحلف لهم في الدنيا وإن اختلف المحلوف عليه بناءًا على ما قدمنا من سبب النزول {وَيَحْسَبُونَ} في الآخرة {أَنَّهُمْ} بتلك الأيمان الفاجرة {على شَىْء} من جلب منفعة أو دفع مضرة كما كانوا عليه في الدنيا حيث كانوا يدفعون بها عن أرواحهم وأموالهم ويستجرون بها فوائد دنيوية {أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الكاذبون} البالغون في الكذب إلى غاية ليس وراءها غاية حيث تجاسروا على الكذب بين يدي علام الغيوب، وزعموا أن أيمانهم الفاجرة تروج الكذب لديه عز وجل كما تروّجه عند المؤمنين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8